John Connor: We're not gonna make it, are, we? People, I mean.
The Terminator: It's in your nature to destroy yourselves.
— Scene From Terminator Movie
«اعذروني على الأخطاء، لقد استغرقت 15 دقيقة فقط لكتابة هذا. هل عرفتم أنني انتحرت اليوم؟ فليس لأسباب اقتصادية بل لأنني انتظرت حتى استنفدت كل وسائلي المالية، حتى أنني رفضت الوظائف، ولكن لأسباب سياسية. لأنني قررت إرسال النسويات اللاتي دمرن حياتي دائماً إلى الجحيم. منذ زمن شبابي الباكر، كانت النسويات يثرن غضبي دائماً. إنهن يردن الاحتفاظ بامتيازات كونهن نساء إلى جانب الحصول على امتيازات الرجال. وبالتالي، يحاولن دائماً مزج الجنسين وجعلنا نفقد هويتنا. إنهن انتهازيّات جداً ولا يهملن الاستفادة من المعرفة التي جمعها الرجال عبر العصور. يحاولن دائماً تحريفها كلما استطعن. في أحد الأيام سمعت أنهن يكرمن الرجال والنساء الكنديين الذين قاتلوا في الخطوط الأمامية خلال الحروب العالمية. كيف تفسر ذلك، علماً أنه لم يكن مسموحاً للنساء الذهاب إلى الخطوط الأمامية؟ هل سنسمع عن فيالق قيصر النسائية ونساء العبيد في السفن اللواتي قاتلن بشجاعة؟ إنه النشيد نفسه دائماً: إنه فقط في السنوات الأخيرة التي سمح فيها للنساء بأدوار كان يشغلها الرجال في السابق. كيف يمكنك إثبات ذلك علماً أنهن كن دائماً مقيّدات من قبل الرجال؟ إنهن دائماً سبب للحرب. آسف لهذه الرسالة القصيرة جداً».
— مارك ليبين
هذه هي الرسالة الافتتاحية في فيلم «بوليتكنيك» للمخرج دنيس فيلنوف التي ترد على لسان القاتل مارك ليبين قبل أن يخرج من بيته في مونتريال - كندا عام 1989 ويقوم بقتل 14 امرأة ببندقية صيد، كلهن كن فتيات يدرسن الهندسة في معهد (بوليتكنيك). لماذا هذه الحادثة لافتة، لماذا هذا القتل جديد؟
لأن القتل هنا لم يكن لأسباب اعتيادية، بل هو بيان سياسي، اعتراض من رجل حانق على وضعية حبس فيها ذهنه. الأهم أنه خلق داخل دماغه دافعاً شخصياً ناحية كيان مجرد وهو «الفيمنزم» أو النسوية التي أخطأها تماماً، لأنه لم تكن أية فتاة من المقتولات تنتمي فكرياً أو اجتماعياً إلى حركة نسوية بل منهن من لم تسمع بها أصلاً من قبل.
هل هذا جديد؟ الحقيقة أن المفكر «كولن ولسون» في كتابه «التاريخ الإجرامي للجنس البشري» يرى أن هذا هو اختراع القرن الـ20. القتل الآن لم يعد للأسباب التاريخية المعروفة، كقتل للسلطة أو الطعام أو المحافظة على الذات في صراع البقاء، ولكنه أصبح بياناً سياسياً، وفي بعض الأحيان يكون الدافع صياغة (لوحة فنية) – في ذهن البطل بالطبع – عن شيء مجرد. لذلك في كثير من الحالات يسعى القاتل في النهاية إلى كشف نفسه للبوليس، حتى لا يهرب منه مجد تحفته الفنية. هذا هو اختراع القرن الـ20: استخدام القتل.
في عمله التلفزيوني الثاني، قام دافيد فنشر «مخرج نادي القتال» بما يسميه كلمته الأخيرة في عالم السيريال كيلر «القتلة المتسلسلين». الذي صدم العالم عام 1995 بفيلمه «سبعة»، رجع هنا في عمل أكثر تفصيلاً ومنهجية عن دراسة منهجية لنفسية «القاتل المتسلسل».
يدور مسلسل «صائد العقول» عن نشأة قسم السلوك والنفس داخل أروقة المباحث الفيدرالية في نهاية السبعينيات. كانت وظيفة هذا القسم هي إعداد بروفايل نفسي كامل عن طريقة تفكير القتلة المتسلسلين، وذلك عن طريق إعداد مقابلات شخصية مع القتلة الذين تم القبض عليهم وفي السجون الأمريكية وقتها. هذه المقابلات مسجلة صوتياً لتحليلها تفصيلاً بعد ذلك. هذه المقابلات تمت مع أشرس قتلة في القرن الـ20. نحن نتكلم عن أد كمبر وابن سام وتشارلز مانسون.
البروفايل النفسي الذي تم إعداده من هذه المقابلات شمل خصائص عامة يندرج تحتها أغلب القتلة، مثل:
أولاً: (القتل غير العابر للعرق): –بمعنى- أنه غالباً لا يقتل من عرق مختلف: الأبيض لا يقتل أسود والأسود لا يقتل أبيض.
ثانياً: (تروما في فترة الطفولة): أب تخلى عن العائلة، عنف مفرط من الأب تجاه الأم، مشاهدة خيانة أحد الوالدين للطرف الآخر، والأهم هو صدمة جنسية حدثت في الطفولة (تحرش أو اغتصاب كامل). (السن والحالة الاجتماعية) يكون بين منتصف العشرينيات للأربعينيات، يعيش مع أحد والديه أو الاثنين، أو يعيش وحيداً.
ثالثاً: يملك حيواناً أليفاً معه (قطة – والأرجح كلب).
الأهم هنا، أن 70% من الضحايا … سيدات. القتل إذاً عابر للجنس.
قبل أن نستكمل رحلتنا، لا بد من استعراض إحصائيات رسمية ستنير كثيراً من الجوانب لهذه الدراسة:
أولاً- سيدة من كل ثلاث سيدات في العالم تعرضن لعنف جنسي سواء من شريكهن أو من شخص من الأقرباء أو شخص لا تربطها أي علاقة به [1].
ثانياً- 34% من قتل النساء يتم بواسطة الشريك [2].
ثالثاً- 6% من أسباب قتل الرجال تعود للشريكة [3].
رابعاً- 95% من أسباب انتحار السيدات تكون بسبب الشريك [4].
خامساً- 80% من مستهلكي البرامج والمسلسلات والأفلام التي تحكي عن القتلة المتسلسلين هن نساء [5].
عودة مرة أخرى للنقطة صفر، كيف تكون الضحية هي أكبر مستهلك للقتل؟ لماذا تستهلك النساء هذه القصص؟
تتحدث الروائية الأمريكية كليمونس ميتشالون في مقالها المنشور العام الماضي على موقع «كوزمبيلتان»، عن هذه الظاهرة وتعطي لها عدة تفسيرات. هي ترى أن النساء يتعاطفن مع الضحية التي هي غالباً أنثى هنا، ولكن الشغف الحماسي هذا سببه الرئيس هو ضخ الأدرينالين عند مشاهدة هذه الأعمال. ضخ الأدرينالين في الجسم يعطي حماسة شديدة تؤدي إلى إدمان بعد ذلك.
لكن وجدانياً بقي التساؤل، لماذا تُقبل النساء بهذا النهم على هذه الأعمال؟
افترضت كليمونس أن هذا الفعل هو شيء من قهر الرعب، عملاً من مبدأ سلفادور دالي: إذا خفت من شيء افعله. في هذا الموقف الأنثى لا تستطيع الفعل أكيد، ولكنها ممكن أن تقترب من هذا العالم، حتى تعرفه وبالتالي خوفها يهدأ قليلاً.
تقول نانسي جو سالز مؤلفة كتاب «الفتيات الأمريكيات: السوشيال ميديا وأسرار المراهقات»، في تفسيرها لهذه الظاهرة، أن هذه الأعمال ترضي غريزة أساسية عند المرأة، ألا وهي غريزة (المحقق). المرأة تستطيع أن تفهم من هذه الأعمال كيف يفكر بها الرجل وكيف يتخيلها وإلى أي مدى ممكن أن تذهب الفنتازيا الجنسية.
تقول نانسي إن غريزة (المحقق) هذه أصبحت مهمة بشدة في هذا العصر الممتلئ بتطبيقات المواعدة مثل (تندر وغيره). أصبح الآن على المرأة أن تتقابل مع رجل لا تعلم عنه أي شيء سوى بعض المعلومات في صفحته على التواصل الاجتماعي، ولكنهن يظنن أن من خلال مشاهدة هذه الأعمال، فهن يستطعن معرفة ما إذا كان الشخص الذي أمامهن ذا تفكير منحرف أم لا، وعليه يستطعن الهرب في الوقت المناسب.
ولكني لا أظن أبداً أن هذه التفسيرات كافية لهذه الظاهرة. للتفسير سأرجع زمناً قديماً، هناك تفسير فرويدي في الأغلب سيتم رفضه الآن ولكنني أظن أنه تفسير يستحق التأمل قليلاً.
سأرجع إلى فرويد وتفسيره لمبدأ اللذة وما وراء مبدأ اللذة، ولكن قبل ذلك سنرجع إلى تفصيلة مهمة في مسلسل «صائد العقول» ستلقي ضوءاً على مناطق مظلمة وخطرة للغاية.
عودة إلى «صائد العقول»
في تحليل أسلوب القتلة، وجدوا سمة مشتركة بين معظمهم، وهي سمة تتعلق بزيارة موقع الجريمة بعد القتل. هذه السمة لم تخِب أبداً، وكانت سبباً في القبض على عديد منهم. ولكن مع تقدم التحليل، اكتشفوا السبب وراء هذا الخطأ الواضح من القاتل المنظم.
الإجابة هي دافع قهري، قوة غير محددة تدفعه لزيارة مكان الجريمة مرة أخرى ليعيش تفاصيل القتل مرة أخرى ويستعيد النشوة الأولى.
الغريب هو ما اكتشفوه بعد ذلك، وهو وجود عينات من الحيوانات المنوية للقاتل في المكان. القاتل يستمني في مكان الجريمة. القاتل يذهب إلى مكان الجريمة ليعيش الجريمة مرة أخرى ويصل إلى النشوة، وكان هذا اكتشافاً مروعاً.
هل من الممكن أن نصف القتل باعتباره فعلاً جنسياً؟ الحقيقة أن هذا ما قاله أد كمبر، القاتل الشهير بالحرف، وهو يصف عملية ذبحه لأمه ومضاجعة رأسها بعد فصله عن جسدها.
على حد علمي، فرويد هو ربما أول من ربط الجنس بالموت في تاريخ الفكر الحديث. كيف يتم ربط دافع حيوي (مثل الجنس) بالموت؟ هل من الممكن أن يكون لهما منبت واحد؟ في كتابه «ما وراء مبدأ اللذة»، يصف فرويد الرغبة الأصيلة عند الإنسان بأنها العودة للوضع الأول، وضع الجنين.
بمعنى أن الخلية البشرية تهدف أولاً قبل أداء وظائفها إلى الاستقرار وتوفير الطاقة في المقام الأول، وأن هذا المعنى ينطبق على كل الكيانات. حياة الإنسان لها هدف واحد هو الاستقرار النهائي، الذي لا يمكن حدوثه إلا في الموت، فالموت هو استقرار الخلية النهائي المراد منذ البداية.
وهو في ظنه ما يفعله فلاسفة البوذية في ممارستهم. فالهدف النهائي من ممارسة اليوغا هو التحرر من الرغبة بشكل عام، وذلك يحدث عن طريق الانفصال عن العالم المادي. وفي مرحلتها النهائية، يحصل الفرد على النرفانا، وهو التحرر الكامل للوعي. وهذا ما يظنه فرويد أن ما يطلبه هؤلاء الفلاسفة هو موت قبل حدوث الموت البيولوجي الفعلي.
ولكن ماذا عن الليبدو، ماذا عن الجنس؟ هذا هو ما يقصده فرويد، أن في الأساس الجنس والموت يهدفان إلى شيء واحد، وهو استقرار الخلية. الهدف الأول للعملية الجنسية هو التخلص من التوتر والعودة للاستقرار. تلك الرغبة التي عند مدها للنهاية تتقابل بالتأكيد مع رغبة الموت الأساسي.
لذلك، قد يقتل الرجال لسبب جنسي، فهل من الممكن أن تشاهد النساء هذه الأعمال لسبب أيضاً ذي طبيعة جنسية؟ نحن سنترك هذا السؤال بهذه الصيغة، ولكن سأختم هذه الفقرة بقول شهير. يقول المخرج دافيد فنشر: «أعتقد أن جميع البشر منحرفون»، ثم ترتسم على وجهه ابتسامة شديدة الخبث ويضيف: «هذه هي القناعة التي بنيت عليها مشروعي الإخراجي بالكامل».
في كتابها «شهية همجية»، تقول الكاتبة راشي مونرو إن هناك رغبة تطهرية في اللاوعي الأنثوي تجعلهن يشاهدن هذه الأعمال، رغبة في معايشة الألم والتعذيب لأن النساء دائماً يتعاملن مع جنسهن على أنهن جميعاً تحت تأثير التروما. هناك ألم مشترك يجمعهن، يجعلهن عند هذا المستوى من الألم على أرضية مشتركة، ويكتشفن شيئاً عميقاً عن أنفسهن، وقد يتصالحن مع هذا الألم القديم.
هذا شيء مؤكد الآن، للنساء القدرة على التعرف على الألم والتصالح معه. أما الرجال فينكرون الألم من الأساس. هل من الممكن في لحظة في المستقبل أن يعترف الرجل بألمه ويتعرف عليه ويتصالح معه ومع طبيعته؟ ما يحدث الآن في العالم لا يعطي مؤشرات لذلك، للأسف.
# فن # سينما # أفلام أجنبية # مراجعات سينمائية # علم نفس # القاتل المأجور في مواجهة القاتل المتسلسل